فجر القرآن

فجر القرآنفجر القرآنفجر القرآن
  • الرسالة
  • النفس البشرية
  • السماوات
  • الأرض
  • القرآن
  • الرحمن
  • More
    • الرسالة
    • النفس البشرية
    • السماوات
    • الأرض
    • القرآن
    • الرحمن

فجر القرآن

فجر القرآنفجر القرآنفجر القرآن
  • الرسالة
  • النفس البشرية
  • السماوات
  • الأرض
  • القرآن
  • الرحمن
https://img1.wsimg.com/isteam/videos/YoxPWwq

النص القرآني

تحرير القراءة

منذ أربعة عشر قرنًا، نزل القرآن الكريم على قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكان خطابًا مباشرًا للناس كافة، يحمل في طياته النور والهداية والبيان. لكن، وبعد قرون من التفاعل مع هذا النص الإلهي، تشكّلت حوله منظومة كاملة من القواعد والتفاسير والمناهج البشرية التي أصبحت لاحقًا، في وعي الأمة، جزءًا لا يتجزأ من القرآن ذاته.

في هذا الفصل، أريد أن أدعو القارئ إلى تحرير علاقته بالقرآن. لا أقصد بذلك التحرر من قدسيته، بل على العكس، أقصد العودة إلى هذه القدسية الأصلية التي تُشعّ من النص ذاته دون وسطاء، دون مرجعيات بشرية تُقيّد القراءة وتُوجّهها. القرآن ليس كتابًا مغلقًا بوجه القارئ، بل هو رسالة مفتوحة، حيّة، تخاطب الإنسان بعقله وروحه، وتدعو إلى التدبّر الذاتي.

لقد وُضعت على مر الزمن قواعد لقراءة القرآن: كالناسخ والمنسوخ، وأسباب النزول، وترتيب الآيات وفق أحداث السيرة، والربط الحتمي بينه وبين الحديث النبوي. هذه القواعد، رغم أنها نشأت من نية حسنة لفهم النص، أصبحت لاحقًا حاجزًا بين القارئ والقرآن. لم يعد المسلم يقرأ القرآن كما هو، بل كما شُرِح له أن يقرأه.

إن الفرضية التي أقدّمها في هذا الكتاب بسيطة ولكنها جوهرية: القرآن يمكن أن يُقرأ وحده، ومن ذاته، وبذاته. لا حاجة لأي عدسة بشرية لفهمه. كل كلمة فيه موضوعة بدقة، لا ترادف فيها، ولا تكرار عبثي، ولا غموض يحتاج لتفسير خارجي. هو يشرح نفسه بنفسه، ويوجّه قارئه إلى كيفية التفاعل معه.

  • نحن بحاجة إلى أن نعود إلى القرآن بعيون خالية من الموروث، لا لنرفض التراث، ولكن لنضعه في مكانه: كمحاولة بشرية لفهم النص، لا كمرجع ملزم لقراءته. الفرق جوهري بين من يعتبر التفسير إطارًا مساعدًا، ومن يعتبره سلطة لا يمكن الخروج عنها.

في الفصول القادمة، سأطرح فلسفتي الخاصة التي استقيتها من قراءة حرّة متأمّلة للقرآن، فلسفة تبدأ من معنى كلمة "القرآن" نفسه، لا كفعل قراءة، بل كفعل "قرن"، أي وصل وربط. ومن هنا يبدأ كل شيء.

لقد بدأت هذه الرحلة من تساؤلات داخلية صادقة. كلما قرأتُ القرآن وحدي، شعرتُ أن النص يتحدث إليّ بلا وسطاء، وأن فيه ضوءًا يغني عن كل شروح البشر. ومن هنا كانت بدايتي.

هذا الكتاب لا يقدّم تفسيرًا تقليديًا للقرآن، ولا ينفي علم العلماء، بل هو دعوة للتفكير الحر في نصٍّ إلهي، نؤمن أنه كافٍ بذاته لمن أراد الهداية.

هذه الدعوة ليست إنكارًا للعلم، وليست خروجًا عن الدين، بل هي عودة إلى النص الأول، إلى الكتاب الذي جعله الله "هدى للناس"، لا للمفسرين فقط، ولا للعلماء فقط، بل لكل من أراد أن يستمع القول فيتّبع أحسنه.

معنى القرآن

معنى القرآن – من القراءة إلى الربط

من الشائع أن يُفهم مصطلح "القرآن" على أنه مشتق من الفعل "قرأ"، أي التلاوة والنطق، وهذا صحيح في بعض المواضع من النص الكريم، حيث تأتي الكلمة لتدلّ على عملية القراءة ذاتها، ويحدد السياق والنظم هذا المعنى بدقة. لكن ما نريد أن نلفت النظر إليه هنا، هو أن الكلمة تحمل في مواضع أخرى دلالة أعمق من مجرد التلاوة، دلالة تتعلق ببنية النص ذاته، وبمقصد الله من هذا الكتاب.

في الفلسفة العامة التي ينطلق منها هذا الكتاب، فإن معنى "القرآن" يتجاوز الفعل "قرأ" ليكون من الفعل "قرن"، أي الوصل والربط. وهذا المعنى لا يقتصر فقط على ربط المعاني والآيات ببعضها البعض، بل يشمل أيضًا المعنى الكوني الكبير الذي يبدأ به الكتاب نفسه: قرن السماوات بالأرض. فالقرآن يبدأ من هذا الربط الأصلي بين العوالم: عالم المعرفة (السماوات) وعالم المادة (الأرض). ومن هذا الربط تنشأ فلسفة النص كله.

الله قرن بين مخاليق السماوات – كالملائكة والجن – وبين مخاليق الأرض – كالإنسان والحيوان والنبات – ليقيم من هذا الربط وحدة الخلق، ووحدة المصير، ووحدة الرسالة. وهذا الربط الكوني يظهر أيضًا في ربط المعاني والمفاهيم داخل النص، بحيث لا يمكن فهم جزء دون الآخر.

عند التأمل في كلمة "القرآن" باعتبارها مشتقة من الجذر "ق-ر-ن"، نجد أن الفعل "قرن" يعني الوصل والربط. ومن هذا المنطلق، يمكن أن نفهم "القرآن" على أنه كتاب يقرن المعاني بعضها ببعض، ويربط بين الأجزاء، ويقيم شبكة من العلاقات المتداخلة بين الآيات والمواضيع والمفاهيم. إنه نص لا يُفهم من خلال القراءة المجزّأة، بل من خلال القراءة التي تسعى لاكتشاف هذا الترابط العميق.

القرآن نفسه يصف آياته بأنها "مُتشابهات"، أي أن بعضها يُشبه بعضًا في البناء والمعنى، لا بمعنى التكرار، بل بمعنى التآلف والترابط، وهذا ما يدعونا إليه مفهوم "القرآن" كفعل قرن. إننا أمام كتاب ليس مجرّد نصوص متفرقة، بل كل آية فيه موضوعة في موضعها بميزان دقيق، لتتفاعل مع غيرها وتفتح باب الفهم لمن يربط.

والفرق الجوهري بين القراءة والتقرئة (القراءة المتقطعة)، هو أن الأولى تفتح للقارئ مسارًا نحو الفهم المتكامل، بينما تقود الثانية إلى تجزئة الرسالة. وقد ساهمت الكثير من المناهج التقليدية، رغم حسن نيتها، في نشر القراءة المقطعة من خلال التركيز على الجزئيات بدلًا من البنية الكلية للنص.

هذا الفهم الجديد لمعنى "القرآن" ليس إنكارًا للمعنى اللغوي الشائع، بل هو توسعة له، وجمع بين مستويين من المعنى: القراءة من جهة، والربط من جهة أخرى. وفي هذه الثنائية تتجلى معجزة الكتاب: أنه يُقرأ، لكنه في الوقت نفسه يُقرِن.

الله وحده، الرحمن، هو القادر على وصل السماء بالأرض، المعرفة بالمادة، الروح بالجسد، وهذا هو الفعل الإلهي المتجلي في هذا النص. من خلال هذا الربط، يصبح القرآن كتابًا لا يكتفي بنقل المعلومة، بل يربطها بالحياة، بالواقع، بالنفس، وبالمصير.

في الفصول القادمة، سنبدأ باستكشاف نماذج من هذا الترابط، وكيف أن موضوعات القرآن لا تقف منفصلة، بل تدور حول محور واحد كبير، يكشفه القارئ كلما سار في طريق الفهم الرباني.

لنبدأ النقاش

ارفاق ملف
Attachments (0)

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply.

الرجاء التواصل للاستفسار

نرغب بسماع آرائك

فجر القرآن

الاشتراك بالموقع

حقوق النشر © 2025 فجر القرآن - جميع الحقوق محفوظة

This website uses cookies.

We use cookies to analyze website traffic and optimize your website experience. By accepting our use of cookies, your data will be aggregated with all other user data.

Accept