القرآن: الجسر الحيّ بين العوالم
القرآن لا يُمثّل كتابًا منزّلًا فحسب، بل هو جسرٌ حيٌّ يربط العوالم:
- ينقل الوحي من السماء إلى الأرض.
- يحوّل المبادئ المجردة إلى منهج عملي واقعي.
- يربط الإنسان بخالقه، ويوحّد بين جانبيه: الروحي والمادي.
السماء والأرض: تكامل الخلق ووحدة المقصد
في جوهر الرؤية القرآنية، لا يُقدَّم الكون كعالمين منفصلين: سماء وأرض، بل كـ وجهين متكاملين لحقيقة واحدة، تُعبِّر عن حكمة الله في الخلق، ودقة النظام الإلهي الذي يربط بين الغيب والشهادة، بين المبادئ والتطبيق، بين الروح والمادة.
قال تعالى:
﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ (الطلاق: 12)
هذه الآية لا تشير فقط إلى تماثل عددي، بل تؤسس لـ:
- توازن كوني: لكل مستوى سماوي مقابلٌ أرضي، في ميزان الخلق.
- تكامل وظيفي: المعرفة التي تتنزل من السماء تجد تحققها العملي في الأرض.
- تناظر حكيم: الغيب والشهادة ليسا ضدّين، بل وجهان لحقيقة واحدة يُديرها الله.
مظاهر التكامل القرآني
يتجلّى هذا الربط العميق في كل مفاصل الحياة:
- في الخلق: الروح (من السماء) والجسد (من الأرض) يتّحدان في كيان الإنسان.
- في التشريع: مبادئ ثابتة نزلت من السماء، تُفعَّل بتطبيقات متجددة على الأرض.
- في السنن: قوانين إلهية تضبط ظواهر الطبيعة وسلوك المكلّفين
- في المصير: الدنيا مزرعة، والآخرة حصاد، في خطٍّ متصل لا انفصال فيه.
لماذا هذا الربط جوهري؟
لأن:
- المعرفة بلا تطبيق: جوفاء لا حياة فيها.
- والمادة بلا روح: ميتة، لا معنى لها.
- والإنسان بلا رسالة: تائهٌ لا يدرك غايته.
القرآن: منظومة كونية متكاملة
من هذا المنظور، لا يُقرأ القرآن ككتاب وعظٍ أو شريعةٍ فقط، بل يُدرك بوصفه:
- نظامًا كونيًّا متكاملًا، يُبيّن كيف تتفاعل السماوات والأرض، الغيب والشهادة، في وحدة الخلق.
- خارطة وجود توضّح علاقة الخالق بالمخلوق، وتكشف مسار الإنسان من أصله إلى غايته.
- دليلَ ترقٍّ من عالم المادة إلى أفق المعنى، ومن الظاهر إلى الباطن، ومن الجسد إلى الروح.