الأرض: المختبر الإلهي وتجسيد المعرفة السماويةفي الرؤية القرآنية، لا تُقدَّم الأرض كجسم مادي صامت أو كوكب جامد، بل كمسرحٍ حيٍّ تُترجم فيه المبادئ السماوية إلى قوانين وجودية وسلوكيات أخلاقية. فإذا كانت السماوات تمثّل عالم الغيب والمفاهيم الكلّية، فإن الأرض هي عالم الشهادة، وميدان التفعيل العملي لتلك المبادئ.
قال تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ (الكهف: 7)في هذه الآية، تتجلى الأرض كمنصة اختبار إلهي، تُختبر فيها حرية الإنسان ومسؤوليته الأخلاقية. ليست الزينة الظاهرة ترفًا جماليًّا، بل مكوّنًا من منظومة الابتلاء، حيث تتحول المعرفة السماوية إلى اختيارٍ وسلوك.
الإنسان في القرآن مكوَّن من طين الأرض ونفخةٍ من الروح، ما يعكس اندماجًا عميقًا بين البُعدين:
بهذا التكوين، يصبح الإنسان كائنًا وسطًا، مؤهلًا لترجمة القيم المجردة إلى أخلاقٍ وسلوكٍ في ميدان الأرض.
قال تعالى: ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ﴾ (الذاريات: 20)الأرض ليست مجرد تكوين جيولوجي، بل:
يرفض القرآن الفصل المطلق بين المادة والروح:
بل الأرض ميدانٌ مقدّس لتحقيق التوازن بين:
العلاقة بين السماء والأرض ليست انفصالًا، بل تفاعلٌ دائمٌ:
قال تعالى: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ﴾ (السجدة: 5)في هذا التدبير تتجلّى وحدة الوجود، وتُثبت الأرض مكانتها بوصفها طرفًا فاعلًا في الحوار الكوني.
حقوق النشر © 2025 فجر القرآن - جميع الحقوق محفوظة
We use cookies to analyze website traffic and optimize your website experience. By accepting our use of cookies, your data will be aggregated with all other user data.